يوم الأربعاء المقبل ستتم استعادة السيادة في العراق، وسيخطو أبناء الشعب العراقي خطواتهم الأولى على طريق الحرية والمستقبل الزاهر، بعد أن عانوا لأكثر من ثلاثة عقود من وطأة حكم قاس مستبد، ومن القمع والحروب والعقوبات الدولية. وسيكون ذلك اليوم بمثابة علامة بارزة على الطريق سواء للعراق أو للمنطقة أو للعالم بأسره، وهي علامة تستمد أهميتها من الموافقة الإجماعية التي حصلت عليها من مجلس الأمن الدولي ممثلة في القرار رقم 1546 الصادر في وقت سابق من الشهر الجاري. ونحن العراقيون، نتقدم إلى قوات التحالف بالشكر على التضحيات التي قدمها جنودها ورجالها في سبيل تحرير العراق وإعادة بنائه، كما نتقدم بالشكر لكافة الدول والمنظمات الدولية وغير الحكومية التي تحدت المخاطر، وقامت بالمساهمة في مساعدة العراق في وقت الحاجة. ونحن نأمل أن يتواصل الدعم من قبل المجتمع الدولي، خصوصا في الوقت الحالي الذي نقوم فيه باتخاذ خطوات في غاية الأهمية من أجل تولي زمام المسؤولية عن مستقبلنا.
إن أعضاء حكومتي المؤقتة التي تم تشكيلها حديثا، يعتبرون هم الأكثر كفاءة وقدرة، كما يعتبرون كذلك من خيرة العراقيين الذي يمثلون ذلك النسيج العرقي والديني والجغرافي والسياسي الفريد المتعدد في بلادنا، والذين يوحدهم معا- مع ذلك- العمل المشترك من أجل تحقيق الهدف الذي يصبو إليه الوطن. وسياسات حكومتنا ستعتمد دائما على تلك الأهداف المترابطة فيما بينها.
أولا وقبل أي شيء، يتعين علينا أن نعرف أن إقرار الأمن يأتي على رأس قائمة أولوياتنا، لأننا بدون الأمن لن نكون قادرين على تحقيق أي تقدم في مسيرة إعادة الأعمار. ويتطلب هذا منا أن نقوم على جناح السرعة بإعادة بناء المؤسسات الرئيسية المنوط بها فرض القانون، والتي تشمل الجيش والشرطة ومراقبة الحدود وخدمات الاستخبارات. وهذه العملية بدأت بالفعل، حيث تم إعداد خطة متكاملة، متعددة الأوجه، لتأسيس خمس فرق في الجيش العراقي الجديد، وتوحيد بنية القيادة والسيطرة لقوات الأمن المتعددة، وبناء قدرات مكافحة الإرهاب، وتأسيس مجلس أمن قومي وزاري، وتكوين الآلية اللازمة لحل المليشيات وإدماجها في قوات الأمن التابعة للدولة.
وطيلة تلك العملية، ستعمل الحكومة على التفريق بين العراقيين الذين ناهضوا الاحتلال بدافع الشعور باليأس والإحباط، وبين المتطرفين من الإرهابيين الأجانب والمجرمين الذي كان هدفهم الوحيد هو قتل وتشويه الأبرياء، ورؤية العراق وهو يسقط فريسة للفشل. وسيكون هدفنا هو أن نمد يدنا للمجموعة الأولى من خلال القيام بجهد لتحقيق المصالحة الوطنية، ومن خلال العمل على دعوتهم للانضمام إلينا في بداية جديدة لبناء مستقبل بلادنا معا، مع العمل في ذات الوقت على عزل الفئة الثانية، وإلحاق الهزيمة بها. وعلاوةً على ذلك، يجب علينا العمل على رد الاعتبار للمسؤولين العراقيين السابقين الشرفاء سواء في الجيش أو الشرطة، مع استبعاد أولئك الذين ارتكبوا جرائم بشعة بحق الأمة بالطبع.
العنصر الثاني الرئيسي من عناصر سياساتنا هو معالجة الوضع الاقتصادي المتأزم. ستكون الأولويات المباشرة في هذا الصدد هي تخفيض المعدل العالي للبطالة، واستعادة الخدمات الأساسية في جميع أنحاء الدولة. ويجب علينا أن نعمل دائما على ترجمة الوعود إلى نتائج ملموسة من أجل معالجة أزمة فقدان المصداقية واكتساب ثقة وولاء الشعب العراقي مجددا. وسيتطلب هذا منا استيعاب أعداد كبيرة من العمالة الماهرة وغير الماهرة سواء في مشروعات إعادة الإعمار، أوفي الأنشطة التي ستلي استرداد السيادة. وسيكون التركيز الأساسي لهذه المشروعات، هو على إعادة تأهيل البنية الأساسية بما فيها النقل وشبكات الكهرباء والماء، والخدمات الصحية والتعليم، واستعادة الإنتاج النفطي والعوائد النفطية للدولة إلى مستوياتها بل والعمل أيضا على زيادتها.
ثالثا، ستعمل الحكومة العراقية ذات السيادة على تأمين التطوير والدعم اللازمين لبناء نظام قضائي مستقل، وقوي، ومدرب، وممول جيدا، وقادر على تحقيق حكم القانون، وحماية حقوق الملكية الفكرية، واحترام حقوق الإنسان. ومن ضمن المجالات التي سيتم التركيز عليها بشكل خاص مجال قوانين ولوائح مكافحة الفساد. وهذه الخطوات جميعا لا تمثل شروطا ضرورية لإرساء الأمن وتحقيق التقدم الاقتصادي فحسب، ولكنها تعتبر بالإضافة إلى ذلك بمثابة حجر الزاوية لعراق المستقبل. العراق الحر الديمقراطي الذي نسعى جميعا إلى بنائه.
الهدف الرابع هو الاستمرار في العملية السياسية بل وتسريع إيقاعها مع مواصلة السعي من أجل تحقيق الحرية. وهدفنا من ذلك هو ترسيخ الوحدة الوطنية، وتعزيز روح المصالحة والوفاق من خلال ضمان أن جميع الجماعات والأصوات تلقى آذانا صاغية، وإعداد الدولة لإجراء اختبارات حرة وعادلة من خلال دستور متفق عليه. فصناديق الاقتراع يجب أن تحل محل طلقات الرصاص كمحدد من محددات السلطة السياسية في العراق. ويجب علينا ملاحظة أنه مع كل تلك المبادرات، فإن العراق شأنه في ذلك شأن جميع